خطوة || وكالات
في إطار الجولات الاستكشافية التي نقوم لدول سياحية منها ، دول البحر المتوسط ولاسيما منها تركيا، والتي تشكل همزة وصل ما بين قارات ودول عدة.
فبدعوة من شركة IMAD TRAVEL GROUP قمنا برحلة بهدف تعريف السائح القريب والبعيد عن تركيا على معالمها التاريخية والأثرية والدينية إضافة الى مناطقها السياحية العديدة، والتي تستقطب الملايين سنوياً من كافة انحاء العالم…
بعد الغذاء توجهنا الى”مرسين” مروراً بجال “بيلان” الطويلة، والتي إستغرق تجاوزها وصولاً الى الساحل التركي المقصود حوالي عشرة ساعات, تمتعنا خلالها بمناظر خلابة، خضراء وطبيعية مميزة.
مررنا بمدينة “أضنا” حيث نهر “سيهان وجيهان” الذي يقسمها الى شطرين معززاً فيها وعلى ضفافه السياحية البحرية والمطاعم والملاهي المرتمية في كل حدب وصوب.
كما وتشتهر “أضنا” بصناعة الحافلات والباصات والشاحنات. يقطنها مليون نسمة ويعتمدون على التجارة والترانزيت كونها قريبة من سواحل الشرق الأوسط مما يجعلها همزة وصل تجارية مهمة. أضف إلى ذلك وجود المطار المحلي فيها… وصلنا الى “مرسين” متعبين، مرهقين من رحلة طويلة وشاقة وبتنا ليلتنا فيها. وصباحاً انطلقنا الى مدينة “الانيا” مروراً بجبال طوروس والتي تمتد من “اسكندرون” حتى ساحل “انطاليا”.
هذه السلسلة من الجبال هي الاطول في الشرق الأوسط وحوض المتوسط، حيث يستغرق تجاوزها بالحافلة حوالي الاربع عشر ساعة.الانيا ALANIA
هذه المدينة (المنتجع) البحرية السياحية اشتق اسمها من علاء الدين السلشوكي الذي اتخذ منها مقراً لإقامته حيث سمّاها في البداية “علائية” وبعد 700 عاماً على وفاته تحول اسمها الى “الانيا”. وحالياً تعتبر من اهم المنتجعات السياحية على الساحل التركي حيث يؤمها سنويًا مليون سائح معظمهم من الشباب الباحثين عن الرفاهية الشبابية والمرح…
أنامور ANAMOUR
تضم مجموعة كبيرة من المتاحف والقلاع والمساجد القديمة وأهمها قلعة “المعمورة” التي بنيت عام 400 أيام العهد الروماني، ورممت عام 1224 في العهد البيزنطي. عام 1300 استولى عليها السلشوكيين ورممها مجدداً “محمود بك”، وبنى داخلها المسجد والحمامات كما معظم القلاع. تشتهر مدينة “انامور” بالموز والذي يصدر الى كافة الأراضي التركية وخارجها… كلمة “انامور” تعني بالاغريقية المدينة المهوية، والتي تتمتع بالهواء النقي والعليل على مدار الايام… فيها ميناء تجاري روماني قديم يستخدم حتى يومنا هذا للتجارة والتصدير, وعدد سكانها لا يتجاوز الستين ألفاً.
مغارة “داملاتاش” DAMLATASHE
هذا المرفق السياحي الفريد من نوعه يشبه الى حدٍ كبير مغارة جعيتا الطبيعية. تسمى مغارة القطرة نسبة لقطرات الرطوبة التي تتساقط من حجارتها الطبيعية. والتي تشكل نسبتها حوالي 98%، مما يتيح للمريض والمصابين بأمراض الربو وغيرها من الأمراض الصدرية الشفاء بنسبة 60%. هذا ما أثبتته الدراسات والتجارب على المصابين الذين يمضون داخلها ساعتين يومياً. وتقول الابحاث التاريخية إنها تعود الى عهد “البولكانيك” أي قبل مئة ألف عام. أكتشفت عام 1948 وأصبحت مرفقاً سياحياً يؤمه سنوياً 758000 سائح .(احصاءات عام 2005).
قلعة الانيا
تعلو القلعة عن سطح البحر 400 متراً. بناها الرومان في القرن الرابع. وما زالت القرية المحيطة بها محافظة على تراثها وعمارتها القديمة. داخلها قسمان يدلان على حضارتين ومنهما الرومانية نظراً لطريقة البناء، والبيزنطي… وتظهر في وسطها الكنيسة والمسجد القديمين. داخلها يوجد مخازن كبيرة للمياه كانت تجمع في فصل الشتاء وتنقل من القرية بواسطة الخيول. كما مدرسة الجيوش (المدرسة الحربية) حيث كان الجنود يتدربون على رمي الحجارة منها الى سطح البحر والتي تعلوه بحوالي 400 متراً… والسجن الكبير حيث يقيم السجناء لفترة وجيزة. أما المحكومين إعداماً فكانوا يلقوا بهم في البحر…
ومنها إلى مدينة “Sideh” (سيديه) الرومانية والتي جددت معظم هندستها منذ ثلاثين عاماً واتخذت طابعًا حضارياً. أما المتاحف والأماكن التاريخية فبقيت على حالها. كما وزرنا المسرح الروماني القديم والذي يعود تاريخه الى 1800 عام اي في القرن الثاني ميلادي. هذا المسرح الضخم تميز عن المسارح اليونانية كونه بدون خشبة. أما الرومان فبنوه كونهم بحاجة لأموال المشاهدين بطريقة منع الناس من المشاهدة إلا بطريقة الدفع وحجز الأماكن، لذا أقاموا الكواليس داخله.
والفرق بين المسرح اليوناني الذي يتضمن التاريخ والمسرحيات الدرامية، والروماني الشاسع والذي يحوي الساحات الكبيرة للقتال، وهذا ما كان يلفت انتباه المشاهدين وتجذبهم والذين يقصدونه لهذا الهدف فقط…
بعدها توجهت الوفود الى شلالات “مناوغات Manaugat” لتناول الغداء داخل طبيعة فريدة من نوعها يعجز أفضل رسامو العالم على رسمها كما وعجز شعراء تركيا والعالم عن وصفها… شلالات تتدفق من جبال تعلو المئتي متراً، شمالاً ويميناً لتصب في نهر, خرير مياهه الحاناً وكأنهم يشكلون فرقة موسيقية بأجواء عليلة، وتطاير “غبار” المياه على القاصدين تحيي الانسان كمياه نيسان… افترشنا الطاولات العائمة على سطح الماء وتمتعنا بأجمل طبيعة تنسي المرء جوعه… أمضينا ليلتنا في المدينة القديمة والتي تشكل أسواقها ذات الطابع التراثي القديم والحديث أيضاً مقصداً للسائح حيث يتمتع بشراء الجلديات والتذكارات والالبسة والذهب الذي تتميز بصناعته هذه المدينة المطلة على القرن الواحد والعشرين سياحياً واقتصادياًوتطوراً…
“انطاليا – ANTALYA”
فور وصولنا الى انطاليا اقامت وزارة السياحة وحاكمية المنطقة غذاءً على ضفاف شلالات “كورشونلو” والتي أنستنا ما شاهدناه على ضفاف شلالات “مناوغات”… طبيعة لا توصف وكأننا داخل جنات الله سبحانه تعالى. وداخل سجن طبيعي جدرانه جبال شاهقة تزينها شلالات تتدفق لتعطي ألوان قوس القزح مع أشعة شمس دافئة… بعدها قمنا بزيارة شلالات “دودان DODAN” والتي تصب معظمها مياهها في البحر نظراً لكثافتها وتستغل كمنظر طبيعي وسياحي فقط.
كانت انطاليا منذ ثلاثين عاماً من اكبر المساحات المزروعة بالحمضيات والليمون والتي كانت تغطي أكثر من 90% من أراضيها أما حالياً فتسمى “الريفيرا التركية” نظراً لموقعها على شاطئ البحر المتوسط وتحدها شمالاً جبال طوروس التي تكللها الثلوج على مدار السنة نظراً لعلو قممها والتي تصل الى خمسة ألاف متر واصغرها الى ثلاثة آلاف…
وتعد من أكبر المنتجعات السياحية في تركيا وحوض البحر المتوسط, والتي يؤمها سنوياً حوالي السبعة ملايين سائح باحثين عن الراحة والاستجمام، والاستحمام بالمياه الكبريتية الساخنة، وقاصدي اللهو والمرح نظراً لكثافة المقاهي والملاهي وشواطئ العراة التي “تسيل لعاب” الشباب قاصدي “الفرفشة”…كما وتسمّى مدينة الخمسة نجوم…
“كاش – KASH”
وبعدها توجهت الوفود إلى مدينة كاش البحرية والتي تطل على الجزر اليونانية، والتي لا تبعد أكثر من مئتي متراً. ولاحظنا هذا التداخل الطبيعي من بحار وأنهر تشكل لوحة طبيعية يحتار المرئ فيها من أين تبدأ وتنتهي حدود كل دولة… وبالفعل كان من السهل مشاهدة أبراج المراقبة اليونانية على التلال والجزر المحيطة.
كاش مدينة بحرية وساحلية يؤمها بعض السياح الراغبين بإمضاء عدة أيام في تركيا وبعدها الى اليونان والجزر كما ويقصدها السياح اليونان كل أحد لشراء الحاجيات برحلة بحرية لا تستغرق النصف ساعة، وذلك نظراً لزهد الأسعار وتنوع المشتريات فيها.
ومنها توجهنا إلى جزيرة “باطيق شاهير” (المدينة الغرقى) والتي غمرها الزلزال قبل ألف عام، كما وتظهر فيها البيوت والكنائس التي انخفضت حوالي الثلاثة امتار، وقد قام سكانها القدامى ببناء المقابر بأعلى المستويات خوفاً من ان تجرف المياه والفياضانات المقابر والجثث…
“قونيا – KONIA”
كلمة ” قونيا ” مشتقة من ايقونة نظراً لكثافة المساجد والكنائس فيها. تعلو 1000 متر عن سطح البحر. أهم المراكز الدينية فيها هو مقام جلال الدين الرومي مؤسس “الطريقة المولوية”، والذي بني بعد وفاته مباشرة. تحت هذا المقام والمسجد توجد معظم أغراضه الخاصة من كتب وسيوف وغيرها وتعود إلى القرن الخامس عشر. كما وان والده دفن في نفس المكان وتقول الرواية أن لحد والده وقف اجلالاً لضريح ابنه جلال الدين وما زال حتى الآن اللحد داخل المسجد يقف بشكل عامودي…
العودة
انتهت رحلتنا وانتهى تجوالنا في معظم المناطق السياحية والأثرية والدينية والتاريخية التركية. عدنا كل الى عمله من رحلة “الـ 10.000كلم” إجتزناها بحافلة كانت بمثابة بيت صداقة ومنزلاً إحتضننا طوال عشرة ايام، كنا فيه باحثين عن السياحة والتعارف، والتعرف على الحضارة التركية القديمة الغنية بالتاريخ والدين، والجديدة الغنية بالسياحة والمنتجعات والشواطئ وحاضنة معظم سياح العالم… عدنا ولم نشبع رغبتنا بكتابة مقالات وريبورتاجات سياحية عن مناطق لم نزرها بعد، ولم نشبع رغبة عدساتنا بالتقاط الصور العديدة لمناطق تجارية وسياحية وتاريخية، ولم نلتق بمعظم سياح الأمم والدول التي تؤم تركيا والتي تبلغ 27 مليون، علنا بذلك نتفتح على حضارات وثقافات بعيدة عنا وقريبة منا، لنعزز التواصل بين دولاً تتقاسم بحراً وطبيعة وتلتحف سماءً واحدة…
0 التعليقات:
إرسال تعليق